رأس الخيمة واحدة من المناطق القليلة التي لم تخلُ من السكان على مر العصور، لتصبح بذلك في صدارة الأماكن التي ظلت آهلة لفترات طويلة في العالم. واحتفاءً بتاريخ الإمارة العريق، يضم متحفها الوطني مجموعة قيّمة من القطع الأثرية والإثنولوجية المعروضة للزائرين.

تثبت الاكتشافات الأثرية وجود حضارات متقدمة قامت على النشاط التجاري في المنطقة قبل الميلاد بخمسة آلاف عام، وتدل على عراقة هذه الحضارات الضاربة جذورها في أعماق التاريخ المواقع والقطع الأثرية المنفصلة التي تزيد عن ألف موقع وقطعة أثرية منتشرة في أنحاء الإمارة. فقد كانت رأس الخيمة بمثابة حلقة وصل تجارية مع بلاد الرافدين خلال الفترة من عام 5500 إلى 3800 قبل الميلاد.

علاوةً على ذلك، توضح المخطوطات القديمة أن سكان رأس الخيمة ارتحوا وصولاً إلى بلاد الهند والصين وزنجبار خلال القرن العاشر الميلادي.

المتحف:

تدلنا الوثائق إلى أنّ قلعة قديمة في قلب رأس الخيمة قد شكّلت المقرّ الرئيسي للأسرة الحاكمة. وتُظهر الوثائق والرسائل القديمة أنّ القلعة قد دُمّرت مرتين على الأقل في تاريخها. ففي المرة الأولى، دمّرها البرتغاليون وكان ذلك عام 1621 وفي العام 1820، دمّرها البريطانيون.

وغادرت أسرة القواسم الحاكمة المقرّ الرئيسي عام 1964 للانتقال إلى قصر أفضل يبعد أقل من كيلومتر واحد عن ضاحية المعمورة. وقد شكّل برجٌ واحد كبير وثلاثة أبراج دائرية صغيرة حصوناً للدفاع عن القلعة. ثم تطوّرت القلعة على مرّ السنين حتى باتت مجمّعاً محصناً.

بعد مغادرة أسرة القواسم، صارت القلعة المقر الرئيسي للشرطة في الإمارات ثم أصبحت سجناً، ثمّ حوّلته الحكومة أخيراً إلى متحف عام 1987. وتتميّز القلعة بتصميمها المعماري الغني بالتفاصيل والمتنوع، والذي يجسد تاريخها العريق.

كما توفر التفاصيل التاريخية والإثنوغرافية والأثرية لمحة مهمة عن الحياة والتقاليد السائدة في المنطقة.

القلعة:

شُيّدت القلعة من الكتل والأحجار المرجانية كالعديد من البيوت الأخرى في رأس الخيمة. كانت المواد خفيفة الوزن وتوفر عازلاً ممتازاً للحرارة بينما كانت تحافظ على برودة المباني صيفاً ودفئها شتاءً. يحاكي البرج الكبير المستطيل القلعة الأصلية التي كانت بمثابة برج منفرد للدفاع ويربض على محيط سور المدينة. ويُرجّح أنّها تأسّست بين عامَي 1809 و1819.

وتمّ إنجاز جميع أعمال البناء بعد توقيع معاهدة السلام مع البريطانيين عام 1820. وكانت المباني الأصلية تتألف من طابقَين ويحيط بها فناء مركزي. ويضم الفناء كذلك برجاً للرياح، وهو ما كان بمثابة نظام تبريد للقلعة؛ حيث كانت الجوانب المفتوحة تلتقط الرياح وتدفعها إلى الغرفة في الأسفل للحفاظ على برودتها.

وإذا ازدادت برودة الطقس، يمكن سد البرج وفتحات التهوية بالحصير. خلال عمليات التجديد الأخيرة، استخدم الحرفيون الملاط التقليدية.

صالات العرض:

تبرّعت عائلة القواسم والمقيمون في رأس الخيمة بالعديد من القطع الأثرية للمتحف. وأجرت دائرة الآثار والمتاحف العديد من الحفريات الأثرية والمسوحات ومشاريع البحث العلمي. وتوفّر الأشياء التي تمّ العثور عليها معلومات مهمّة ولمحة عن ثقافة المنطقة وتقاليدها.

تقع جميع صالات العرض في مكان جميل حول الفناء الداخلي ويمكن الوصول إليها من خلال باب خشبي ثقيل ومنحوت بشكلٍ تقليدي. وتشمل المعروضات اكتشافات تعود إلى أوائل المستوطنين حتى أواخر العصر الإسلامي، فيما يُظهر العرض الإثنوغرافي التفاعلي الحياة التقليدية في الإمارة والغوص لصيد اللؤلؤ وزراعة التمور وصيد الأسماك والزراعة والعمارة القديمة.

يستقبل المتحف زواره من الثلاثاء إلى الخميس، ويومي السبت والأحد من الساعة 8 صباحاً حتى الساعة 6 مساءً.

يفتح المتحف أبوابه من الساعة 2 عصراً حتى الساعة 8 مساءً أيام الجمعة ويغلق أبوابه أيام الإثنين.