مقدمة :
تُعتبر فترة ظهور أحمد بن ماجد في مدينة جلفار من الفترات المهمة في تاريخ المنطقة، إذ أدى ظهوره إلى تطور الملاحة وانتشار المخترعات والآلات البحرية، كما ازدهرت الملاحة العربية التي اعتمدت على مؤلفات ابن ماجد وخرائطه ورسائله وأراجيزه وقياسياته في ارتياد البحار والمحيطات ( )، وأصبحت علماً قائماً بحد ذاته ، حيث ساعدت تلك المخطوطات والأراجيز التي أوجز فيها خلاصة معرفته التامة بعلم الفلك في الإبحار لمسافات طويلة في البحار والمحيطات وتقديم وصف دقيق للأماكن والديار التي وصلها . كما ارتبط اسمه بالدوران حول أفريقيا عن الطريق الغربية في بحر الظلمات ( أي : المحيط الأطلسي ) ، وكذلك الوصول إلى جزيرة القمر ( أي : مدغشقر ) قبل البرتغاليين بثلاثة قرون، بالإضافة إلى كونه صاحب الاكتشافات الجغرافية الذي سبق الأوربيين في تعرفهم على بحر الهند من أقصاه إلى أقصاه، وواضع نظريات جددت رؤية الجغرافيين القدامى إلى هذا المحيط وعللت هبوب رياحه الموسمية ووصفت الرياح المحلية والمد والجزر في الخليج العربي والبحر الأحمر وبحر العرب، ومبتكر المصطلحات العربية في شتى العلوم والفنون التي تعتمد عليها ملاحته .

نشأة أحمد بن ماجد:
نشأ أحمد بن ماجد في جلفار وعاش فيها طفولته. وقد ذكر الكثير من الدارسين والمؤرخين بأن ابن ماجد هو ابن تلك المدينة التاريخية ، حيث تردد اسم مدينة ( جلفار ) في إحدى أراجيزه بقوله : « جرفار مدينة أسود البحار » . وفي موضعٍ آخر يقول : « جلفار وطن أسد البحر في الأقطار » . ومن هذا ، استند الباحثون في رأيهم على أنه كان قد ولد وعاش في جلفار حيث ترعرع في بيئتها الصالحة ونال علومه واكتسب خبرته من والده الذي كان له الفضل في صقل موهبته وتدريبه على فنون البحر، والذي كان له منظومة طويلة أسماها ( الحجازية ) التي تزيد عن ألف بيت عن الملاحة في البحر الأحمر والتي اعترف ابن ماجد – نفسه – بفضلها في سلامته م أخطار البحر الأحمر وهدايته إلى المسالك البحرية الآمنة فيه ، وكذلك نهل من علوم ربابنة وقته ، كما أن جده قد كان من قبلُ معلماً ورباناً ماهراً .
ورغم أن ابن ماجد لم يذكر مكان ولادته أو نشأته بالتفصيل، إلا أن معظم الآراء أجمعت على أنه جلفاري المولد والانتماء ، حيث أكد ذلك ( علي بن الحسين ) – وهو أمير تركي عينه السلطان العثماني سليمان القانوني عام 1554 م – كان مولعاً بعلوم البحار وكان قد حصل على تصانيف أحمد بن ماجد الملاحية، وأطلق عليه لقب ( معلم بحر الهند ) ، وقد أكد على ذلك المستشرق الفرنسي) غبرييل فران Gabriel Fran ) الذي استدل على ذلك من وثيقة أمير البحر التركي، ومن المراجع البرتغالية مثل : ( بارويس وألبوكويركي وحوليات دامياو ) ( ) ، ومن تحليله لبعض أبيات قصائد أحمد بن ماجد الذي وصف جلفار وصفاً دقيقاً إذ يقول :
رعى الله جلفار من قد نشا بها ******* واسقى ثراها واكف متتابع ( )

وكذلك في البيت [ 85 ] من الفصل الحادي عشر في كتابه ( حاوية الاختصار في أصول علم البحار ) الذي قال فيه :
تمّت بشهر الحج في جلفار ******* أوطانِ أسدِ البحرِ في الأقطار ( )

وقد تناقل أهل رأس الخيمة أن بيت ابن ماجد يقع الآن تحت كوم من الرمال مدفون تحتها في الحي الذي كان يسكنه بنو زراف . والزرافيون ( أو: بنو زراف ) هم سكان جلفار الأصليين . وقد ذكر الكثير من الرواة وبعض الباحثين بأنهم كانوا يعيشون في تلك المدينة. وقد هذا البيت عندما تهدم تحت التراب ، ولم تُرفع عنه أكوام الرمال، فأصبح تلاً رملياً يُشار إليه بالبنان على أنه ( بيت النجدي ) ، وهو يقع في منطقة الغب على الطريق المؤدي إلى شمل ، وتحديداً غرب منطقة شمل في شمال الحديبة وسط مزارع النخيل .
إلا أن هذا القول لا يتفق مع ما ذكره عبد الله بن صالح المطوع في مخطوطته المسماة ( عقود الجمان في أيام آل سعود في عمان ) ، حيث ذكر أن هذا القصر الصغير الذي يقع في قرية ( الغب ) كان يملكه آل سلطان بن ثاني الذين يرجع أصلهم إلى نجد، وقد كانوا ولاةً فيه من قِبلِ آل سعود، ويعرف هذا القصر بـقصر النجدي ( )

تاريخ مولده ووعمرهُ ووفاته:

أما عن تاريخ مولده، فإن أغلب المصادر لا تحدد تاريخاً معيناً له، وإنما تشير إلى أنه ولد في النصف الثاني من القرن الخامس عشر وبداية القرن السادس عشر استناداً إلى بعض الإشارات من أشعاره الملاحية  – . بالنسبة لتاريخ مولده، يُستخلصُ أنه قد بلغ مستوى المعلم الماهر في الملاحة، والآمر الناهي في مركبه عام [ 845 هـ – 1441 م ]، وذلك مما يتضح في قصيدته الذهبية التي نظمها عام [ 895 هـ – 1489 م]  والتي جاء في بيتها التاسع ما يلي :

 

ومن بات يرعاهُنَّ خمسينَ حِجَّةً   *******  على طلبٍ عافَ الكرى في الغياهبِ

حيث يفيد هذا البيت الشعري بأنه شرع بمراقبة النجوم وقياسها منذ خمسين عام  [ أي : 895 هـ – 50  = 845 هـ  ]  . كما أنه كان قادراً على تمييزها عن بعضها وأماكن طلوعها وغروبها وظهورها ومدته، وأنه قد أتقن – حينها – استعمال آلات قياسها ، وقد أصبح قديراً في الملاحة الفلكية ، وأصباح معلماً ماهراً واكتسب جميع الخبرات اللازمة .

كما أكد على ذلك في مختصر كتاب الفوائد إذ قال: ” ما صنفت هذا الكتاب إلا بعد أن مضت لي خمسون سنة، وما تركت صاحب السُّكَّان وحده، إلا أن أكون على رأسه أو من يقوم مقامي ” .

فبذلك ، نتوصل إلى الافتراض بأنه لو أن ابن ماجد نزل إلى البحر في سن الخامسة عشرة أو ما دونها بقليل، وتوفرت له قوة الإدراك والتمييز والفهم بأحوال البحر وشؤون الفلك الملاحي، وبأنه استغرق خمسة سنوات أو ما يقاربها ليتلقى تدريبه ويبلغ مستوى خبرة المعلم الماهر، لحصلنا على تاريخ ميلاده  وذلك بطرح 20 عام من  [ 845 هـ ]  ، أي أنه ولد عام : [ 825 هـ – 1421 م  ]  – تقريباً – .

وذلك يتفق مع ما جاء في قصيدتي ( ضريبة الضرائب وقسمة الجُمَّة على أنجم بنات نعش ) – اللتين نظمها عام 900 هـ  حيث أشار فيهما إلى أنه قد أصبح أشيب، لا سواد في رأسه، وأنه قد أشرف على « آخر عمره » ، وأنه كان يخصى أن يوافيه الأجل قبل الانتهاء منهما . ونستنتج منها أنه عمره – حينها – كان قد تجاوز الستين عاماً بكثير . ، وفي حال صحة تقدير تاريخ ميلاده ، يكون عمره  [ 75 سنة ]  .

وعام 906 هـ ، كتب قصيدته القصيرة المخمسة التي ألح فيها على ضرورة التصرف بحكمة في البحر ، ولم يأت فيها بجديد لم يسبق له ذكره جملةً وتفصيلا . حيث كان قد بلغ الحادية والثمانين في وقتها، ثم انقطعت أخباره تماماً ، إذ يُعتقد أنه توفي السنة ذاتها .

اسمه ونسبه :

وفي قراءة لأشعاره ، فقد أشار أحمد ابن ماجد إلى نسبه إلى بني سعد ، إذ قال في البيت ( رقم  109 )  من الفصل الحادي عشر في كتابه : (حاوية الاختصار في أصول علم البحار ) :

أحمدُ بن ماجدٍ الشهاب   *******  العربيُّ المعقليُّ الشهاب 

فـ ( المعقلي ) نسبةً إلى ( معقل ) ، وهو معقل بن سنان بن غطفان. وغطفان بن سعد بن قيس عيلان . وقيس عيلان هو أبو قبيلة من مُضر ( واسمه : الناس بن مضر بن نزار ) ، وليس في العرب ( عيلان ) غيره ، حيث أكد ذلك في أرجوزته السفالية في البيت [ 691 ] ، وكذلك في قصائده الأخرى كالذهبية والمكية   .

كما أشار ابن ماجد -أيضاً- إلى انتمائه لقبيلة عامر ثم معد فعدنان في قصيدته ( المكية ) في البيت رقم [ 22 ] . وعامر هو: ( عامر بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوازن بن منصور بن عكرمة بن حفصة بن قيس عيلان، وبذلك تكون نسبته إلى عامر كنسبته إلى سعد بن قيس بن عيلان ، ولكن عن جدٍّ آخر .

وفي نفس القصيدة ، في البيت [ 16 ] ، أشار إلى نسبه إلى ( مادر ) ، وهو جد بن هلال بن عامر بن صعصعة . وهنا -أيضاً- لا يوجد أي فرق بين هذه النسبة الجديدة وما سبقها إلا في اختيار الجد .

وعليه، يمكن استنتاج صيغة مختصرةً لنسب أحمد بن ماجد القبليّ على النحو التالي :

( أحمد بن ماجد ………… بن مادر بن هلال بن صعصة بن عامر بن هوازن بن منصور بن عكرمة بن حفصة بن قيس عيلان « أي: الناس » بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان )  ، وهذا يعني أنه ينتسب إلى القبائل العدنانية المقيمة في تهامة ونجد والحجاز – إجمالاً – مع أن بعضها مثل: ( قبيلة هوازن ) من اليمن. وكذلك قيس عيلان أو أفخاذ منها. وبذلك ، فإن أصل ابن ماجد يمني استناداً إلى نسبه القبلي إذ تؤيد أقواله هذا الاستنتاج عندما تحدث عن انتماء أجداده الأرضي الذين كانوا مدينة صعدة  ( أي : من نجد اليمن ) . وقد هاجرت أسرته إلى جلفار في القرن السادس الهجري الذي يوافق الثاني عشر الميلادي على وجه التقريب حيث كانت القبائل العربية – حينها – تنتقل من مكان إلى آخر بحثاً عن الحياة الكريمة ، فهاجرت أفواج منها ، ومن ضمنها عائلة أحمد بن ماجد، وسكنت مدينة جلفار التي كانت من الموانئ المذدهرة في وقتها ، والتي اشتهرت بتجارة اللؤلؤ والسفر  .

وقد لُقِّب أحمد بن ماجد بعدد من الألقاب التي أحب أن يطلقها على نفسه منها : ( أسد البحر ) ، و ( حاج الحرمين الشريفين )  وأحياناً،  (شهاب الدين ) ، وهي ألقاب تجعله في مقام كبير من قوة العزيمة وقوة إيمانه بالله .

وبذلك، تكون صيغة ألقابه واسمه الكامل على النحو التالي : ( شهاب الدين وأسد البحر أحمد بن ماجد بن محمد بن عمر بن فضل بن دويك بن يوسف بن حسن بن حسين بن أبي معقل السعدي بن أبي الركائب النجدي )    .

ثقافته وعلمه :

كان ابن ماجد واسع الثقافة والدراية بالعلوم البحرية والفلكية حيث أنه نشأ في عائلة امتهنت الملاحة البحرية. فقد كان أبوه وجده معلمين، والمعلم في مصطلح أهل البحر هو الذي يلم بعلم الفلك ويقدر على قيادة السفينة لتصل إلى بر الأمان . وقد ذكر ابن ماجد فضل عائلته في اكتسابه العلوم الملاحية، فقال : ” كان جدي محققاً في علم البحر مدققا، وزاد عليه الوالد بالتجريب والتكرار، وفاق علمه على أبيه. فلما جاء زماننا هذا وكررنا قريباً من أربعين سنة، حررنا وقدرنا علم الرجلين النادرين   .

كما أنه كان قد أشار إلى فضل والده، فقال : ” إنَّ والدي نظم الأرجوزة الحجازية، ومع ذلك كله قد أصلحنا له منها ما رأينا فيه الخلل. وكانت أرجوزة الوالد خيراً لي من جميع ميراثه الذي تركه لي كلّه ”   . وعلاةً على ذلك، فقد نهل ابن ماجد من علوم من سبقه من البحارة العرب وأفاد من تجاربهم وخبرتهم العالية ، وخاصةً أولائك الذين عاشوا في العصر العباسي المتأخر، والذين كان قد ذكرهم في كتابه المعروف بـ ( الفوائد في أصول علم البحر والقواعد والفصول ) ، وهم : ( محمد بن شاذان وسهل ابن أبان والليث بن كهلان ) حيث أشاد بعلمهم وخبراتهم في قصائده، فقال :

يا ابن شاذان يا سهل وثالثهم  *******  السابقين بعلم معجب حسن

علمٌ نفيسٌ ولكن من تداوله  *******  سواكم فهو منسوبٌ إلى الغبن

خلفتموني وحيداً في الزمان وقد  *******  كنتم ثلاثة أحبارٍ على الزمن

وقد وصفهم بـ « الليوث »  – أي : ليوث البحر – ؛ لخبرتهم وتجاربهم الكثيرة وشجاعتهم ونجاحهم في ركوب البحر ، واستقى من خبراتهم ومعلوماتهم واستفاد من تجاربهم، . إلا أنه، وبمرور والوقت وازدياد تجاربه ونمو ثقافته البحرية، تمكن من إسقاط كل المعلومات الخاطئة التي اتبعها الملاحون الذين سبقوه، وصار يتبع الأساليب العلمية الناجحة في تحقيق أهدافه في الملاحة، وقد بدا ذلك جليّاً في كتاباته وأراجيزه وأشعاره . كما أنه كان أول من دوّن فن الملاحة وعلمها بلغة عربيةٍ فصحى شعراً ونثراً، وقد أغنى هذه الفصحى بمصطلحاتٍ علميَّة جديدةٍ بأسلوب مبسطٍ تميَّز بالدقة في معاني الألفاظ والابتعاد عن اللغو والحشو وتثبيت الحقائق العلمية المبحوثة . وهذا يدل على أنه كان غزير المعرفة باللغة العربية إلى جانب تجربته العلمية الغزيرة ودقته في التحليل، فقد قال في « حاوية الاختصار » في البيتين [ 74 – 75 ] من فصلها الحادي عشر :

فلـــــــــــــــــــو أرِدْ تــــطويـــــــــــــــلَ كُـــلّ فـــــــــــــــــــنٍّ  *******  لم تطق الــــــــــــــنسَّاخ تنسخ عني

قصدي الأصول في علوم البحر  *******  لا قصدي الهرج وكثرة الشعرِ

كما أن معارف ابن ماجد لم تكن تقتصر على تطبيق علم الهيئة في الملاحة، بل أن معلوماته الجغرافية فاقت معلومات الجغرافيين العرب في البحر والسواحل والموسميات وتفسير هبوب الرياح والمد والجزر، إلى جانب حفظه القرآن الكريم إلمامه بالدين ودراسته للفقه واللغة والأدب والتاريخ والأنساب والفلك من كتب العلماء الذين سبقوا عصره . بالإضافة إلى معرفته بأسماء الكواكب العربية المنقولة عن اليونانية وبعض أسماء الكواكب الفارسية، واعتماده التجريب وتكرار قياس ارتفاع نجوم الهداية بآلة اليد أو بالإسطرلاب للحصول على نتائج دقيقة لا تتغير بدقة أذهلت من قارن بينها وبين نتائج القياسات الحديثة من المستشرقين المعاصرين مثل : ( غروسيه غرانغ ) . وقد كان ابن ماجد أول من وصف بدقّةٍ السحائب الكبرى والصغرى الجنوبية التي يسميها الأوروبيون ( سحائب ماجلّان ) ، مع أنه أولى بالتسمية ( السحائب السوداء والبيضاء ) .

ولا تقتصر ثقافة ابن ماجد في العلوم البحرية، بل يتضح أنه كان مُلمّاً ومطلعاً على التصانيف الجغرافيةِ الفلكية والرياضيةِ العربية، وأنه كان قد نهل من علوم الحساب العربي والهندي بالإضافةِ إلى اتقانه عدة لغات منها : الشول ( التاميلية ) والسواحلية والسفالية ( لغة منطقة سفالة في الساحل الشرقي لأفريقيا ) ، وإجادته للغات الزنجية والفارسية والجاوية والسنسكريتية   حيث قال في حاوية الاختصار :

قد راح عمري في المطالعاتِ  *******  وكثرةِ التسآلِ في الجهات

وكم رأيتُ في قطوطِ الشُّولِ   *******  ونَظْمِهِ والنثرِ  والفصولِ

وكم نظرت في حسابِ العربِ   *******  وحِسبةٍ للهند مُذ كُنْتُ صبي

لم أرَ شيئاً في اتفاق الأصلِ   *******  في القمر والزِّنجِ صحيح النقلِ 

و « الشول » أو « الشوليان » هم طائفة تسكن الساحل الغربي للهند . و « القمر » في قصيدته تعني جزيرة مدغشقر وساحل الزنج الذي يمتد بين بيسة وكلوة . وكل هذا ساعده على تنوع معارفه وزيادة خبرته باطلاعه على كل ما توصلت إليه تلك الشعوب من علوم جعلته قادراً عل الكتابة والإبداع معتمداً على نفسه في التأليف والتصنيف .

أعماله ومؤلفاته :

تنوعت مؤلفات أحمد بن ماجد التي وضعها شعراً ونثراً ، والتي جمع فيها خلاصة خبراته وتجاربه ومعارفه في العلوم الملاحية والفلكية . حيث ذكر أسماء الجزر والبلدان والسواحل والقياسات البحرية ومطالع النجوم وطريقة تحديد القبلة والمسالك البحرية الآمنة . وكانت أكثر أعماله عبارةٌ عن منظومات شعرية على شكل أراجيز مستقلة، وصلنا منها [ 24 ] أرجوزة ملاحية  من مجمل أراجيزه التي وصلت إلى [ 41 ] أرجوزة، حيث فُقد العدد الآخر منها .

أما عن أراجيزه وقصائده الموجودة، فهي على النحو التالي   :

أما عن أعماله النثرية، فهي محدودة عدداً وحجماً . وكان ما وصلنا منها هو كتاب ( الفوائد في أصول على البحر والقواعد والفصول والملل ). حيث وضعه ابن ماجد عام [ 895 هـ – 1495 م ] ، واحتوى هذا الكتاب على [ 176 صفحة ] ، وعرض فيه [ 12 ] فائدة تختص بموضوع ملاحي .
وأما المفقود منها ، فهو كتاب ( مطول كتاب الفوائد في أصول علم البحر والقواعد – النسخة الأولى المطولة – ) الذي يرجع تاريخه إلى [ 880 هـ – 1475 م ] إضافة إلى ( شرح الذهبية ) .

كما أنه طور بعض الآلات الملاحية كالبوصلة والإسطرلاب وغيرها من الآلات البحرية ، إذ يقول عندما يتحدث عن البوصلة : ” ومن اختراعنا في علم البحار تركيب المغناطيس ” ( ) . ولقد كانت لمخطوطاته وأراجيزه دليلاً هاماً في الملاحة العالمية واختيار الدروب البحرية الآمنة والتي أصبحت المصدر الرئيس لفن الملاحة في الجامعات الأوروبية لسنوات طوال، وقد كانت مؤلفاته سجلاً هاماً للتراث الملاحي في المحيط الهندي ليس بالنسبة للتجربة العربية فحسب، وإنما بالنسبة لتجارب الفرس والهند وأهل الصين وجاوه وساحل الزنج أيضاً . كما كانت دليلاً يهتدي به ربابنة ومعالمة المحيط الهندي وتراثاً اقتبسته أوروبا من العرب في عصر النهضة على يد البرتغاليين ( ).